لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
139844 مشاهدة print word pdf
line-top
خلق السماوات والأرض أعظم من خلق الناس

...............................................................................


فهذه عظمة هذه المخلوقات؛ يتأمل العباد فيها بعقولهم ويعلموا أن خلقها أعظم شيء؛ ولهذا قال الله تعالى: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ أي: كيف يعجز الرب عن خلق الناس وإعادتهم مع أنه قد خلق هذه المخلوقات العلوية والسفلية, وهي أكبر من الإنسان, وما الإنسان إلا جزء يسير على هذه الحياة الدنيا وعلى هذه الأرض العليا؛ أنه شيء يسير.
فكيف مع ذلك ينكر قدرة الخالق؟! وكيف يتكبر على ربه؟! وكيف ينكر إعادته بعد الموت؟! وكذلك -أيضًا- يحتجّ الله تعالى بخلق السماوات والأرض على إحياء الموتى في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى نعم، الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يحيي الموتى ويجمعهم ويعيدهم كما كانوا، ويرد إليهم أرواحهم قادر على ذلك. احتج أيضا بذلك في قوله تعالى: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ .
الذي خلق السماوات والأرض أليس قادرا على أن يخلق مثلكم؟ أليس قادرا على أن يعيدكم؟ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فهذا صريح أنه سبحانه على كل شيء قدير، وأنه خلق الإنسان وأنه سيعيده، و إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .
من آياته هذه المخلوقات جعلها من آياته، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ أي: من الآيات الدالة على كمال قدرة الخالق أنه خلق هذه السماوات والأرض، ومن آياته اختلاف ألسنتكم واختلاف ألوانكم يعني: اختلاف اللغات هذا كلام عربي وهذا كلام عجمي بأي لغات، وكذلك اختلاف الألوان؛ هذا طويل وهذا قصير وهذا أحمر وهذا أبيض وهذا أسود وهذا أسمر؛ كل على ما خلقه الله عليه، هذا من آياته.
وكذلك قول الله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ هذا أيضا من آياته سبحانه. كيف أنه خلق السماوات والأرض، وبث على الأرض الدواب. إن الذي خلق هذه المخلوقات لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. كذلك أقرب شيء إلى الإنسان هذه الأرض التي يتقلب عليها، ويتنقل من مكان إلى مكان. خلق الله الإنسان من هذه الأرض، ثم أخبر بأنه يعيده فيها، وأخبر بأنه يخلقه بعد ذلك منها، فيقول تعالى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ابتدأ خلق الإنسان من هذه الأرض أي: من التراب أي: من الطين. خلقه من الطين؛ كما في قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ وفي قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ أي: من طين الأرض؛ سلالة طين خلق الله وصور الإنسان أصله منها، وكذلك قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ يعني: ثم جعل أبناءكم يخلقون من هذه النطفة الْمَذِرَة. كذلك يعيدكم فيها، بعد الموت لا بد أنه يدفن في هذه الأرض أو تأكله هذه الأرض ويصبح ترابا ورفاتا، ثم يعيدهم بعد ذلك؛ يخرجكم منها تارة أخرى. فكل هذا دليل على أنها من آيات الله.
كثيرا ما يأمر الله الإنسان بأن ينظر في الأرض ويسير، فيقول الله تعالى: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ يعني: يتقلبوا فيها ويعتبر بما فيها. لا شك أن في هذه الأرض عبرة وموعظة لمن تفكر ولمن اتعظ، فنحن نشاهد في بعض الأرض ترابا عاديا، ثم تسير بعده قليلا ثم تجد أرضا رملية؛ من الرمل الذي هو أخف أنواع التراب، ثم تسير بعد ذلك فتجد أرضا حجرية؛ ليس فيها تراب ولا فيها رمال، وإنما فيها حجارة منبثة على وجهها، تسير وتجد أرضا جبلية؛ ليس فيها إلا جبال شاهقة صغيرة أو كبيرة طويلة أو قصيرة، تسير بعد ذلك قليلا ثم تجد شعابا فيها بطحاء وفيها أنواع من الحصباء الصغيرة، ونحوها.
كذلك أيضا تجد أرضا مستوية منبسطة، ثم بعد مدة تجد أرضا متمايزة فيها مرتفع وفيها منخفض، وكذلك تجد أرضا سبخة لا تنبت أو أرضا مالحة شديدة الملوحة، وهكذا أيضا تجد بعد ذلك أرضا طيبة؛ تنبت الكلأ وتنبت الشجر ونحو ذلك. وهكذا أيضا إذا تأملت في ما ينبت فيها وجدت في هذه البقعة أشجارا كبيرة، وبعدها تجد أشجارا صغيرة وبعدها لا تجد إلا كلأ ونباتا مما ينبت وينبسط على وجه الأرض. لا شك أن ذلك كله من آيات الله تعالى، حيث جعل هذه الأرض تنبت وهذه لا تنبت، وهذه نباتها شجر كبير وهذه نباتها صغير، وهذه لا تنبت إلا الكلأ والعشب وما أشبه ذلك.
لا شك أن الذي يتأمل في ذلك يجد عبرة وعظة؛ ولذلك يذكّر الله تعالى الإنسان بالنظر في هذه الآيات، فيقول تعالى بعدما ذكر خلقه: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ أن تميد بكم، وجعل فيها رواسي يعني: هذه الجبال حتى لا تميل, وحتى لا تتحرك. ثم قال بعد ذلك: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ .

line-bottom